اخبار اقتصادية
بلاتس للطاقة: العراق يصل لمعدل قياسي من إنتاج النفط وسط تحرك أوبك لتقليص الإنتاج
استنادا لآخر احصائيات مؤشر ، اس اند بي S&P ، الأميركي لسوق النفط التابع لوكالة بلاتس الدولية للطاقة فان العراق ،
الذي يعتبر ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك ، قد حقق أرقاماً قياسية بالانتاج خلال شهر آب بالوصول الى معدل انتاج 4,88 مليون برميل باليوم . المعدل الأعلى لإنتاج النفط في العراق لحد الآن قد ساهم بما قد يكون الازدياد الأول لإنتاج أوبك الشهري خلال هذا العام ، مما قد يسبب بصعوبة خطط المنظمة المؤلفة من 14 عضواً منتجاً للنفط لتقليص تجهيز سوق النفط العالمي للحفاظ على سقف ثابت للسعر وسط تناقص أسعار النفط الخام .
ديف أيرنسبيرغر ، المدير الدولي لتحديد أسعار السلع عند مؤشر اس اند بي لوكالة غلوبال بلاتس للطاقة ، قال في تصريح لموقع CNBC الاميركي للأخبار الاقتصادية الخميس الماضي ” الزيادات الأخيرة بالانتاج العراقي للنفط أصبحت بما قد تشكل نوعاً من الصداع الخفيف لأوبك وهي تسعى لخطط تقليص الانتاج للحفاظ على أسعار النفط من الهبوط .”
ويقول أيرنسبيرغر ” ان المشكلة المتعلقة بسقف الانتاج هي مشكلة ذات شقين . انها تجعل المهمة اصعب بالنسبة لمنظمة أوبك في ادارة نسب انتاج الاعضاء لتحقيق توازن الاسواق ، حيث ان الطلب يتعرض لضغط حاليا .”
وأضاف إن ذلك يولّد أيضاً ضغطاً كبيراً ضمن منظمة أوبك نفسها حيث إن زيادات الانتاج هذه جاءت على حساب إيران . مؤكداً بقوله : ” طالما أن الانتاج الايراني يتعرض لضغوط ، والانتاج العراقي يزداد من ناحية أخرى ، فإن مهمة الحفاظ على وضع سلمي ضمن اوبك أصبحت مهمة يصعب تحقيقها .”
للاطلاع نظرياً على أهمية هذا المعدل القياسي الذي حققه العراق من انتاج للنفط والبالغ 4,88 مليون برميل باليوم ، فإن إنتاج البلد قبل خمس سنوات كان بمعدل 2.96 مليون برميل باليوم , وبين عامي 2003 عند الغزو الاميركي للعراق و عام 2010 تراوح الانتاج بين أقل من نصف مليون برميل باليوم الى أن وصل الى معدل 2,5 مليون برميل باليوم . بعد أكثر من 15 عاماً من حروب وحاجة ماسة لإعادة الإعمار ، فإن حكومة العراق تنظر لهذا الارتفاع بالإنتاج كمؤشر نجاح .
استنادا لوزارة النفط العراقية فإن صادرات العراق من النفط الخام لشهر آب ارتفعت أيضاً الى 3,6 مليون برميل باليوم ، مسجلاً ارتفاعاً عن الشهر الذي قبله والذي بلغ 3,56 مليون برميل باليوم. من ناحية أخرى كشف استطلاع حديث أجرته رويترز إنه بسبب ارتفاع معدل انتاج النفط في العراق فان منظمة أوبك حققت أول ارتفاع لها بالانتاج خلال عام 2019 وذلك في شهر آب حيث وصل الى 29,61 مليون برميل باليوم ، مسجلة زيادة بقدر 80,000 برميل باليوم عن انتاج الشهر الماضي . وكانت مجموعة أوبك قد أعلنت في مستهل شهر تموز عن قرارها بكبح الانتاج بحلول عام 2020 وذلك لتعزيز مستوى الأسعار وسط منظور خافت للطلب وارتفاع انتاج النفط الاميركي الصخري . ورغم ذلك ما يزال سعر النفط على مستوى محبط .
وأضاف الخبير الدولي ، أيرسنبيرغر ، بقوله ” لهذا السبب فان ارتفاع معدل انتاج نفط العراق ينظر له كمشكلة مهمة بالنسبة لأوبك ، وستزداد الصعوبة اكثر مع هذا الارتفاع عندما يجتمع أعضاء أوبك للتوصل الى طرق مقبولة لتحديد سقف الانتاج مع حلول نهاية هذا العام .”
العراق الذي يبلغ تعداد سكانه 38 مليون نسمة والذي يضم 12% تقريبا من الاحتياطي العالمي المثبت للنفط ، قد شهد تحسناً كبيراً بالانتاج خصوصاً من حقول النفط الجنوبية . حيث شهد حقل مجنون العملاق للنفط في البصرة انتاجاً مضاعفاً خلال شهر حزيران بالوصل الى 200,000 برميل باليوم بعد أن تراجع الانتاج فيه مع بداية هذا العام بسبب سقف الانتاج الذي حددته اوبك له .
هيرمان وانغ ، من كبار خبراء النفط في وكالة بلاتس للطاقة ، قال ” الالتزام بسقوف الانتاج لم تعد من الأولويات المطلوبة . العراق بدأ يتعافى بشكل جيد منذ أن تم طرد تنظيم داعش من أراضيه وحافظ الانتاج على معدل ازدياد ثابت خصوصاً في الحقول التي تديرها كبريات شركات النفط العالمية .” سعى العراق بشكل حثيث للحصول على استثناء من برنامج تقليص انتاج اوبك الذي اقر في تشرين الثاني عام 2016 وذلك للاحتياجات المالية التي عانت منها ميزانية البلاد وسط تحديات اقتصادية وامنية حادة . ولكن انتهى الحال به وهو يتحمل ثاني أكبر تقليص مطلوب منه في المجموعة ، وما يزال يحاول الالتزام بالتقليص منذ ذلك الحين . أضيف العراق بعد ذلك الى لجنة الرقابة الوزارية المشتركة لمنظمة أوبك المؤلفة من تسعة أعضاء ، ولكن يبدو ان ذلك لم يجدِ نفعاً أيضاً بضرورة الالتزام بسقف الانتاج . وقال الخبير وانغ ” يبدو أنه ليست هناك آلية لفرض التقليص تضمن الانصياع للالتزام بسقوف الانتاج . وكانت العربية السعودية ، المنتج الأكبر في أوبك ، قد دعت العراق مراراً وكذلك دول أخرى أقل التزاماً أن يتقيدوا ببرنامج التقليص الموضوع وأن يتجنبوا اجتيازه ، ولكن ليس هناك من يستجيب . ” ستيفن بيرنوك ، محلل اقتصادي لدى مؤسسة PVM للنفط في لندن ، يقول إن أرقام الانتاج الأخيرة العالية للعراق توحي بأنه قد يصل الى سعة انتاجه القصوى للنفط . مشيراً الى احتمالية حصول مكاسب متواضعة اضافية ويرجع الفضل في ذلك لتعامل العراق مع شركات نفطية اجنبية كبرى لتعزيز البنى التحتية لقطاعه النفطي . ولكن بعد ما يقارب من عقدين من الحروب والتهجير والتدخل الخارجي ، فان الكثير يشعر من أن العراق يعمل ضمن حقوقه للترحيب بمثل هكذا ارتفاع بمعدل الانتاج في قطاعه النفطي الذي يوفر ما يقارب من 90% من حجم ميزانية البلاد .